الشاعر البندقية

  الشاعر البندقية

وليد بدران

وليد بدران

17 مايو 2017

 

في ٢٠ مايو عام ١٩٢٩ ولد لأم فلاحة أمية هي هانم مرسى نجم وأب يعمل ضابط شرطة هو أحمد عزت نجم وكان ضمن سبعة عشر ابن لم يتبق منهم سوى خمسة.

 

إنه الفاجومي الشاعر المبدع العبقري أحمد فؤاد نجم الذي فقدناه في ٣ ديسمبر 2013 ليخلف وراءه ثروة شعرية وثورة جيل كان ومازال وسيظل ملهمه بكلماته التي تمس القلوب..

 

عندما التحقت بالجامعة لم أكن قد سمعت به من قبل.. ومن خلال بعض الأصدقاء سمعت أشعاره مغناه بصوت الشيخ إمام.. والتي لعبت دورا كبيرا في تحولي والكثيرين من أبناء جيلي صوب اليسار.

 

لقد كنا ونحن شباب صغار نبكي ونحن نسمع كلمات الراحل المعجون بطين هذا البلد.. فكان قلبها ولسانها المعبر عنا جميعا وهو يقول: مصر يا أمة يا بهية يا أم الطرحة وجلابية.. الزمن شاب وانت شابة وهو رايح وانت جايه.. جايه فوق الصعب ماشية واحتمالك هو هو وابتسامتك هي هي يا بهية..

 

وفي سنواته الأخيرة وقف بقوة إلي جانب الثورة وتصدى بشجاعة رغم تقدمه في العمر لفاشية الإخوان الذين أرادوا أن يضيعوا حبيبته التي عاش من أجلها فقيرا طوال حياته وتعرض للكثير من الاضطهاد لعشقه لها.. لمصر.

 

وقد قال عنه الشاعر الفرنسي لويس أراجون: إن فيه قوة تسقط الأسوار ، و أسماه الدكتور علي الراعي "الشاعر البندقية" في حين قال عنه الرئيس الراحل أنور السادات: "الشاعر البذيء" .

 

التحق في طفولته بكتاب القرية كعادة أهل القرى في ذلك الزمن. وأدت وفاة والده إلى انتقاله إلى بيت خاله حسين بالزقازيق حيث التحق بملجأ أيتام 1936 - و الذى قابل فيه عبد الحليم حافظ- ليخرج منه عام 1945 و عمره 17 سنة بعد ذلك عاد لقريته للعمل راعيا للبهائم ثم انتقل للقاهرة عند شقيقه إلا أنه طرده بعد ذلك ليعود إلى قريته.

 

بعدها بسنوات عمل بأحد المعسكرات الإنجليزية و ساعد الفدائيين في عملياتهم وبعد إلغاء المعاهدة المصرية الإنجليزية دعت الحركة الوطنية العاملين بالمعسكرات الإنجليزية إلى تركها فاستجاب نجم للدعوة وعينته حكومة الوفد كعامل بورش النقل الميكانيكي..

 

وفي تلك الفترة قام بعض المسؤولين بسرقة المعدات من الورشة وعندما اعترضهم اتهموه بجريمة تزوير استمارات شراء مما أدى إلى الحكم عليه بثلاث سنوات سجن.

 

وفي السنة الأخيرة له في السجن اشترك في مسابقة الكتاب الأول التى ينظمها المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون وفاز بالجائزة وبعدها صدر الديوان الأول له من شعر العامية المصرية "صور من الحياة والسجن" وكتبت له المقدمة سهير القلماوي ليشتهر و هو في السجن.

 

وبعد خروجه من السجن عين موظفا بمنظمة تضامن الشعوب الآسيوية الأفريقية وأصبح أحد شعراء الإذاعة المصرية وأقام في غرفة على سطح أحد البيوت في حي بولاق الدكرور بعد ذلك تعرف على الشيخ إمام في حارة خوش قدم (معناها بالتركية قدم الخير) أو حوش آدم بالعامية ليقرر أن يسكن معه ويرتبط به حتى أصبحا ثنائيا معروفا.

 

وأصبحت الحارة ملتقى المثقفين ومن أهم أشعار أحمد فؤاد نجم قصيدته بقرة حاحا وكتابته عن جيفارا رمز الثورة في القرن العشرين وهي قصيدة "جيفارا مات" وغيرها الكثير.